الدكتور محمد حساني.. رجل المهام الصعبة

بملامحه المصرية الأصيلة، وكرم أبناء الجنوب، وإنسانية ورحمة الطبيب، يقف الدكتور محمد حساني بكل إصرار وتجرد خلف الكثير من قصص النجاح داخل ديوان وزارة الصحة، لكنه دومًا يرفض الظهور أو الحديث عن جهده صراحة أو تلميحًا، إيمانًا ويقينًا منه بأن "ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".

تلك القناعة الراسخة في عقل وقلب طبيب الكبد والجهاز الهضمي الدكتور محمد حساني، جعلته يحرص كل الحرص على الاستمرار في مهنته السامية كطبيب بجوار عمله كمسؤول تنفيذي، فتراه يأتي في مواعيد ثابتة ومحددة ليناظر مرضاه -وهم كُثُر- داخل معهد المعهد القومي للكبد صباحًا، ثم يتحرك بعدها لمكتبه بالوزارة لاستكمال مهامه الإدارية، وكل ذلك ولا يشعر به أحد.
كل من تعامل مع الدكتور حساني عن قرب سواء من وزراء الصحة السابقين أو الحاليين، يدرك بما لا يدع مجالا للشك أنه رجل المهام الصعبة، ينجز بلا ضجيج، ويُعطي بلا مقابل، ووسط كل هذا لا يُجيد ولا يُحب الحديث عن نفسه، فقط يترك أعماله تتحدث عنه خلف الكواليس، وربما لا يعلم كثيرون أنه كان بمثابة "كلمة السر" أو "الدينامو" الذي ساعد الملايين من مرضى فيروس "سي" في الحصول على فرصة لعلاج بعقار "سوفالدي" من خلال مجهوده الجبار خلال فترة عمله مع عمالقة كبار داخل اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية.

يُعد الدكتور محمد حساني واحدًا من أبرز الوجوه الطبية في وزارة الصحة خلال السنوات الأخيرة، بعدما ارتبط اسمه بإطلاق وتنفيذ أكبر المبادرات الرئاسية في مجال الصحة العامة، التي استهدفت الكشف المبكر وعلاج الأمراض المزمنة، ووصل صداها إلى كل بيت في مصر، لتصبح علامة فارقة في المنظومة الصحية.

وارتبط اسم الدكتور حساني بالعديد من المشروعات القومية الكبرى في مجال الصحة العامة وخاصة مبادرة "100 مليون صحة"، ويشغل الآن منصب مساعد وزير الصحة لشؤون المشروعات والمبادرات الصحية العامة، إلى جانب عمله طبيبًا لأمراض الكبد والجهاز الهضمي بالمعهد القومي للكبد في القاهرة. 
كما سبق أن تولى منصب الرئيس التنفيذي للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، وكان له دور بارز ورئيسي في برنامج القضاء على التهاب الكبد الفيروسي الذي يُعد من أبرز إنجازات المنظومة الصحية في السنوات الأخيرة.

أثرى الدكتور حساني المكتبة العلمية بمجموعة من الأبحاث المنشورة في دوريات دولية محكمة، فضلًا عن مساهمته في تأليف فصول متخصصة بكتب عالمية حول أمراض الكبد ومضاعفاتها، كما يشغل عضوية هيئات التحرير في عدد من المجلات الطبية المرموقة، ويعمل مُحكِّمًا علميًّا بها.

والعام الماضي، فاز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية.

بصمة واضحة في "100 مليون صحة"
بشكل خاص، فالدكتور حساني هو أبرز العقول المنظمة لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي "100 مليون صحة"، والتي حصدت إشادة عالمية بعد نجاحها في فحص عشرات الملايين من المصريين، وتقديم العلاج المجاني لمن ثبتت إصابتهم.

ولعب الدور المحوري في المبادرات المنبثقة عن "100 مليون صحة"، والتي تقترب من 14 مبادرة صحية لتشمل كل أفراد الأسرة المصرية، بما في ذلك مبادرات: مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، وعلاج السمنة والتقزم والأنيميا بين طلاب المدارس، وصحة المرأة، والعناية بصحة كبار السن، والعناية بصحة الأم والجنين، والكشف المبكر عن الأورام السرطانية، وفحص المقبلين على الزواج، ودعم الصحة النفسية والتدخل المبكر لاضطرابات طيف التوحد.

وحازت المبادرات التي قادها حساني إشادة من منظمة الصحة العالمية، واعتُبرت نموذجًا يمكن تكراره في دول أخرى لمكافحة الأمراض المزمنة والوقاية منها، ولعل آخر هذا التكريم إعلان منظمة الصحة العالمية وفريق العمل المشترك بين وكالات الأمم المتحدة للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، فوز مصر بجائزة دولية مرموقة ضمن جوائز عام 2025، تقديرًا لجهودها المبتكرة والفعالة في الوقاية من السمنة ومكافحتها، وهي تلك الجائزة التي تسلمها د. محمد حساني خلال زيارته لمدينة نيويورك على هامش فعاليات الدورة 80 للأمم المتحدة.

وأصبح اسم الدكتور حساني مرادفًا لمفهوم "الصحة الوقائية" التي تسعى الدولة لترسيخها، عبر فحوصات مبكرة وتدخلات علاجية سريعة، بدلًا من انتظار تفاقم المرض، ورغم الطابع الإداري لمنصبه، حافظ الدكتور محمد حساني على حضوره كطبيب يرى أن رسالته الحقيقية تكمن في حماية صحة المواطنين، فلا يزال يحافظ على تواصله بمعهد الكبد مع زملائه ومرضاه.

شارك هذا المقال

تعليقات المقال